صفقة لا يمكن أن ينساها جمهور أتلتيكو مدريد العاشق لفريقه لما شابها من أحداث عديدة.


مارادونا المكسيك» هكذا كان يطلق على واحد من أكثر الأسماء إثارة فيما يتعلق بالصفقات التي شكلت تاريخ الليجا، هوجو سانشيز، الهداف التاريخي السادس لريال مدريد، وأحد أبرز وأهم لاعبيه ولاعبي خصمه في العاصمة، أتلتيكو مدريد، على مر العصور.

ولأن لقاء الديربي لم تتبق عليه سوى ساعات قليلة، كان لابد من أن نقرن حديثنا عن الصفقات التي شكلت تاريخ الليجا بأحد أبرز وأكثر الصفقات إثارة في تاريخ إسبانيا.

تألق في سن صغيرة ومع كافة المراحل السنية للمنتخبات المكسيكية، ومثل المنتخب المكسيكي الأول في عمر التاسعة عشرة فحسب، وعلى صعيد الأندية، 5 مواسم في الدوري المكسيكي، مع نادي يونام، توجها بالمشاركة في 188 مباراة وتسجيل 97 هدفًا، مسيرة بدأت في سن 18 سنة، لينهيها في المكسيك بعمر 23 عامًا وقد توهج الطلب العالمي لضم ذلك الأعسر ذي الموهبة اللافتة.

ضمن سنواته مع يونام، ذهب في إعارة لمدة عام واحد إلى الجار الأمريكي سان دييجو سوكرز، ليشارك في 32 مباراة ويسجل 29 هدفًا.

جذب سانشيز في تلك السن الصغيرة أنظار العديد من الأندية الأوروبية، كان أهمها على الإطلاق في ذلك الوقت آرسنال الإنجليزي، لكن اللاعب الأعسر الموهوب قرر حينها أن يوقع لنادي أتلتيكو مدريد، كان ذلك في عمر الثالثة والعشرين، عام 1981، ليأتي مارادونا المكسيك محملًا بآمال عريضة في الليجا، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.

ظهر سانشيز في موسمه الأول رفقة أتلتيكو مدريد في 20 لقاء، وسجل 8 أهداف فقط، كان المعدل التهديفي الأسوأ له ربما منذ ظهوره صغيرًا في المكسيك، ثم واصل على وتيرة متذبذبة، إلى أن تحسن الأمر بشكل واضح في موسم 1984-1984 حين قاد الفريق إلى الفوز بكأس ملك إسبانيا، والسوبر الإسباني وإنهاء الليجا في المركز الثاني، وفي العام ذاته، حاز سانشيز جائزة بيتشيتشي لأفضل هداف في الليجا، برصيد 26 هدفًا، ليصبح المعشوق الأول لجماهير أتلتيكو مدريد، وتبني عليه جماهير الروخيبلانكوس آمالًا عريضة في مشوارها اللاحق، في ظل رغبة جامحة في التتويج بالليجا.

ما زاد عشق جماهير أتلتيكو مدريد لذلك الفتى الأعسر، هو أنه كان قبل عام قد رفض بشكل قاطع الذهاب إلى برشلونة الذي قدم له عرضًا خياليًا في ذلك التوقيت، ولكن بعد ذلك بعام واحد فقط، كان الموعد مع مفاجأة غير سارة، ستغير رأي جماهير أتلتيكو مدريد إلى الأبد في نجمها الموهوب.

تسربت أنباء حول اجتماعات سرية بين سانشيز ومسئولي ريال مدريد، وبدا أن اللاعب مرحب هذه المرة بالانتقال إلى ريال مدريد، طامة كبرى بالنسبة لجماهير أتلتيكو التي كانت تمني نفسها ببدء صفحة جديدة من السيطرة على العاصمة وإسبانيا كلها، ضغطت الجماهير بقوة، بل هددت بمقاطعة المباريات، ليصبح الأمر في يد إدارة أتلتيكو مدريد، ولاعبه سانشيز، وإدارة ريال مدريد، التي أظهرت بكل الطرق أن هدفها واحد فقط، سانشيز لابد أن يكون في ريال مدريد، بأي ثمن أو طريقة!.

اتخذت إدارة أتلتيكو مدريد إجراءً ظنت أنه سيخف حدة جماهير أتلتيكو مدريد تجاه تلك الصفقة المزمع إتمامها، فأعلنت بيع سانشيز إلى فريق بوماس المكسيكي، قبل أن يبيع الأخير اللاعب ذاته إلى ريال مدريد مع استفادة الفريق المكسيكي بفارق مادي اتفق عليه مع إدارة ريال مدريد، كل من في مدرجات «فيسنتي كالديرون» يتحسس الآن موضع الصفعة بألم شديد، والأهم، الصفعات التي ستتلقاها الشباك في السنوات المقبلة.

في يوليو 1985، قدم ريال مدريد لاعبه هوجو سانشيز في ملعبه سانتياجو بيرنابيو، ليلعب ضمن صفوف جيل رائع من لاعبي الملكي، أطلق عليه «لاكوينتا ديل بويتري» أو «سرب النسور» كان هذا الفريق يتكون من أساطير بحجم إيميليو بوتراجينيو، ومانويل سانشيز، وميتشيل، وميجيل بارديرزا، ذلك الفريق حصد 5 بطولات متتالية للدوري الإسباني بدءًا من موسم 1985-1986 وحتى موسم 1989-1990، وكذلك بطولة كأس ملك إسبانيا في 1989، والدوري الأوروبي عام 1986.

في تلك المواسم الخمسة، حصد سانشيز 4 ألقاب بيتشيتشي لهداف الدوري الإسباني، ليصبح اللاعب الوحيد في التاريخ الذي يحقق ذلك الرقم دون التشارك مع أي لاعب آخر في أي موسم، وسجل في تلك المواسم الخمسة 208 أهداف خلال 283 مباراة في كافة البطولات، وفي الأعوام من 1986 إلى 1990، لم يسجل أقل من 27 هدفًا في أي عام، إلى جانب العديد من الأرقام القياسية الأخرى لذلك الذي صفع جماهير أتلتيكو مدريد بهدفين في 7 سنوات قضاها بريال مدريد، قبل أن يعود عام 1992 إلى المكسيك مرة أخرى في عمر الرابعة والثلاثين.

تذكر إذًا، وأنت تشاهد الديربي المشتعل بين ريال مدريد وأتلتيكو مدريد على سانتياجو بيرنابيو، أن هذا اللاعب المكسيكي الذي حصل على لقب أفضل لاعب كرة قدم في أمريكا الشمالية وأمريكا الوسطى بالقرن العشرين، وشارك في 3 مونديالات مختلفة، يمثل بالنسبة لجمهور أتلتيكو مدريد، الصفعة الأكثر قسوة من الجار اللدود في العاصمة، فاحرص ألا تذكر اسمه أبدًا أمام جماهير الروخيبلانكوس المولعة بتاريخ فريقها.